كان العلامة أبو الريحان البيروني مرافقا للسلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي في معظم فتوحاته العسكرية في بلاد "الهند" التي بلغت سبع عشرة موقعة، وقد اغتنم "البيروني" فرصة وجوده في الهند حيث كنوز العلم والمعرفة، فنقل كثيرًا منها، وضمنها كتبه ومؤلفاته، خاصة كتابه الذي أفرده للحديث عن "الهند" الموسوم بـ "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" والذي خص فيه أحوال الهند الفلكية باثنين وأربعين فصلاً من فصوله وخص أديانها بأحد عشر. وأورد مقتطفات من كتابات مفكري الهند، ووازن بينها وبين مقتطفات شبيهة بها من كتابات فلاسفة اليونان، وفصل آراء اليونان عن آراء الهنود، وكتب يقول إن الهند لم ينبغ فيها رجل كسقراط، ولم تظهر فيها طريقة منطقية تطهر العلم من الأوهام. ولكنه رغم هذا ترجم إلى اللغة العربية عدداً من المؤلفات السنسكريتية الهندية. مثلما نقل بعض المؤلفات الرياضية من التراث الإغريقي إلى العربية، فقد ترجم كتاب أصول الهندسة لإقليدس والمجسطي لبطليموس. وكتب عن الأرقام الهندية.
بعد وفاة السلطان" محمود الغزنوي "سنة (421 هـ) خلفه ابنه" مسعود"، وكان عنده شغف بالعلوم فوجد "البيروني" في بلاطه كل تقدير وثناء، وكثيراً ما كان البيروني يرد بالهدايا والأموال إلى بيت المال لزيادتها على حاجتهِ. فانكب على التأليف والتصنيف، وأهدى للسلطان أكبر كتبه في الفلك والرياضيات الذي أطلق عليه "القانون المسعودي" وهو موسوعة ضخمة في الهيئة والنجوم من اثنا عشر فصلاً قدم فيها إسهاماته في علم الفلك كله، مع حساب التوقيت وحساب المثلثات والرياضيات والجغرافيا، فأجَازه السُّلْطَان بِحمْل فيلٍ من نَقده الفضّي.
قَالَ ياقوت الحموي:
" كَانَ لغوياً أديباً، لَهُ فِي الرياضيات والنجوم الْيَد الطُّولى، وَلما صنف القانون المَسْعُودِيّ أجَازه السُّلْطَان بِحمْل فيل فضَّة، فَرده بعد الِاسْتِغْنَاء عَنهُ"
طبع هذا الكتاب في الهند سنة 1924 م، وفيه وضع نظرية خاصة لتقدير «النسبة التقريبية» الضرورية لحساب مساحات ومحيطات الدوائر. وتمكن من تقدير محيط الكرة الارضية وقطرها. وهي القاعدة المعروفة بقاعدة البيروني وهي معادلة رياضية تستخدم في حساب نصف قطر الأرض استنادا الى معرفة محيطها.
وكان من إسهاماته أيضا كتابه المسمى "التفهيم لأوائل صناعة التنجيم" ، وهو موسوعة تعرض فيها لمصطلحات الهندسة والحساب والفلك والجغرافيا والأوقات، وتصف الأجهزة الفلكية، طبع الكتاب مع ترجمة إنجليزية له في "لندن" سنة (1934 م) . وكتب في الفلك أيضا رسالة عن الإسطرلاب، ودائرة فلك البروج، وذات الحلق، ووضع أزياجاً فلكية للسلطان محمود.
ومن إسهاماته كتاب "تحديد نهاية الأماكن لتصحيح مسافات المساكن"، وهو كتاب في الجغرافيا الرياضية حيث يقوم بتحديد العروض الجغرافية والاختلافات في تحديد أطوال المواضع.
وكان من أشهر تآليفه كذلك "كتاب الْآثَار الْبَاقِيَة عَن الْأُمَم الخالية" وهو رسالة في التقاويم والأعياد عند الفرس، وأهل الشام، واليونان، واليهود، وغيرهم.
يقول كراتشكوفسكي:
"كتاب لا مثيل له في جميع آداب الشرق الأدنى"
رابط لطلب الحصول على هذا الكتاب: الآثار الباقية عن القرون الخالية
للبيروني إسهامات في الأدب أيضا فقد شرح شعر أبي تَمام، وألف كتاب "مُخْتَار الْأَشْعَار والْآثَار"، "التعلل بإجالة الْوَهم فِي مَعَاني نظم أولى الْفضل"، وكتاب "المسامرة فِي أَخْبَار خوارزم"
وحين تولى السلطان مودود بن مسعود الحكم بعد وفاة والده السلطان "مسعود" سنة (439 هـ، ظل "البيروني" محل تقدير الغزنويين، فواصل إبداعاته وإسهاماته وألف كتاب "الْجمَاهِر فِي الْجَوَاهِر" وأهداه للسلطان، وهو كتاب يبحث في الفلزات والمعادن وبخاصة الأحجار الكريمة، حيث عين الكثافة النوعية لثمانية عشر نوعاً من أنواع الحجارة الكريمة، وطبع هذا الكتاب في "الهند" سنة 1936م. بإمكانك طلب الحصول على هذا الكتاب بالولوج إلى هذا الرابط: الجماهر في معرفة الجواهر
كما يمكنك الحصول على النسخة المترجمة إلى اللغة الإنجليزية عبر هذا الرابط:
كما أهدى للسلطان وقد ناهز عمره الثمانين عاما، موسوعة "الصيدنة في علم الطب" ترشد الصيدلي إلى جميع الأدوية واختيار الأجود منها وتحضير المُرَكَّبَات الكيميائية، واستخدام الأجهزة في عمليات التقطير وغيرها.