ابن حوقل الجغرافي الذي استغرق ثلاثين عاما في الطواف بالعالم الإسلامي

 


من كبار الجغرافيين الخبراء. رحالة ساح في شتى الأرجاء. وتوغل في سائر الأقطار، والمدن والأمصار. ملتمسا أحوال الأمم وخواص البلدان، جامعا بين دقة العلماء، ونهج الأدباء.


 من هو ابن حوقل؟

أبو القاسم محمد بن علي بن حوقل النُصيبيني البغدادي الموصلي المشهور بابن حوقل. تاجر رحالة وجغرافي معروف في القرن الرابع الهجري. ولد في نُصَيْبين الواقعة بين النهرين ضمن الحدود التركية اليوم، ليس يُعلم من تاريخ ولادته سوى أنه يحتمل أنها كانت قبل سنة 320 هـ.

كان ابن حوقل، منذ طفولته مهتما بالجغرافيا، منصرفًا إليها انصرافا، حتى إن كتب الجغرافيين الجيهاني وابن خرداذبه وقدامة لم تكن تفارقه أبدًا، حتى قال في الكتابين الأولين إنهما شغلاه حتى عجز عن أن يصرف همه إلى العلوم النافعة الأخرى. فكان مولعًا بقراءة كتب تقويم البلدان، ما شوَّقه إلى الرحلة ومعرفة أقطار الأرض، ودراسة البلاد والشعوب. متخذًا التجارة مهنة له.


مسيرة ابن حوقل:

أنفق ابن حوقل من حياته نحو ثلاثين عاماً في الطواف بالأمم الإسلامية بين عامي 331 و357 هـ عامي 943 و 968 م. ساح خلالها في أرجاء العالم الإسلامي شرقًا وغربًا، من نهر السند حتى المحيط الأطلسي، يدرس أحوالها وخواصها وأحوال شعوبها ومجتمعاتها.

وقد اتهم المستشرق الهولندي دوزي ابن حوقل بالتجسس لحساب الفاطميين على الأندلس، لأنهم كانوا يتطلعون إلى الاستيلاء على تلك البلاد، ولعلهم كانوا يمهدون لذلك بجمع المعلومات الضرورية.

"إن الغرض في كتابي هذا تصوير هذه الأقاليم التي لم يذكرها أحد علمته ممن شاهدها" [ابن حوقل] 

فانطلق من بغداد وزار الهند وأرمينية وخراسان وفارس وما وراء النهر والشام وبَرْقة وإفريقية وصقلية والأندلس، ومرّ بمصر في أواخر الدولة الأخشيدية، وخصص لمشاهداته فيها فصلاً طويلاً يصف فيه مصر ومعاهدها والنيل ومجراه، وكثيراً من أحوال المجتمع المصري يومئذ.

كما زار بلاد المغرب الأقصى وكان الخبير الأول بشؤونها؛ حيث كتب فصولاً عنها اتسمت بالدقة والشمول. كما زار نابلي وبالرمو أيضاً، وغيرها...

"وإذا تركنا جانبًا نقاط التشابه العديدة، فإنه يجب الاعتراف بأن ابن حوقل هو الخبير الأول من بين جغرافي هذه المدرسة في شؤون المغرب" [كراتشكوفسكي]

وفي إحدى رحلاته تقابل مع الرحَّالة الكبير الاصطخري عام  340هـ = 952م، وكان لتلك المقابلة أثرها في الرجلين خاصة ابن حوقل الذي يَدين للاصطرخي بالكثير.


مؤلفاته:

كثرت مطالعات ابن حوقل ومشاهداته، وجمع كل ما حصل عليه من تجارب في كتابه صورة الأرض أو المسالك والممالك. ذكر فيه أخبار رحلته من أحوال الأمم التي مر بها، وما شاهده فيها من المناظر وخواص البلدان، وطبائع أهلها وارجائها، وما بينها من الأنهار، وما اتصلت به من شطوط البحار، وما على السواحل من المدن والأمصار، وما بين البلدان من المسافات. مع ما ينضاف إلى ذلك من الحكايات والأخبار، والنوادر والآثار.

 وهو أثر جمع فيه بين الناحية الجغرافية والناحية الوصفية. بيد أنه عنى بالمشاهدات الوصفية عناية خاصة. وجمع أسلوبه بين الطابعين العلمي والأدبي. ويعتقد أنه أتم كتابه هذا حوالي سنة ست وستين وثلاثمائة 366هـ 977 م.

وقد قام دي جويه De Goege بتحقيق هذا الكتاب، ثم أعيد طبعه عام 1938م. وتُرجِم إلى اللغة الفرنسية، من قبل المستشرقين كرامر وفييت وصدر عام 1964م.

"وقد ترسم ابن حوقل خطى السابقين له في تنظيم كتابه، ولكن مادة الكتاب نفسها معروضة عرضًا دقيقًا مع توضيح لبعض النقاط الجوهرية" [كراتشكوفسكي]

ما أظهره من استقلالية وتفرد في ميدان رسم الخرائط، وما ضمه إلى كتابه من معلومات جديدة اعتمد فيها على رحلاته ومشاهداته. جعلت ابن حوقل من أئمة الجغرافيين في ذاك العصر، كما أن عدم تعرضه للكلام على سائر الأقطار إلا بحسب ما بلغه من الثقات عنها، جعلت كتابه من أصح ما كُتب في عصره، وظل مصدرا وثيقًا للمعلومات دأب الجغرافيون من بعده على الرجوع إليه لعدة قرون.


:وفاته 

وكانت وفاة ابن حوقل رحمه الله سنة 367هـ - 977 م.


شاهد الحلقة على يوتيوب




ABDS

إرسال تعليق

أحدث أقدم
Update cookies preferences